شهريار فارس مميز
عدد المساهمات : 32 نقاط : 78 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 01/09/2009
| موضوع: روائع نذاااار قباني الخميس 02 سبتمبر 2010, 4:18 pm | |
| 24ـ صديقتي وسجائري
واصِلْ تدخينكَ .. يُغريني رجلٌ في لحظةِ تدخينِ هي نقطةُ ضَعْفَي كامرأةٍ فاستثمرْ ضَعْفي وجُنُوني ما أَشهى تبغكَ والدنيا تستقبلُ أولَ تشرينِ والقهوةُ .. والصُحُفُ الكسلى ورؤىً .. وحُطامُ فناجينِ دخّنْ .. لا أروع من رجُلٍ يفنى في الركن .. ويُفنيني رَجُل ..تنضمُّ أصابعُهُ وتُفكرُ من غير جبينِ
أشعلْ واحدةً من أُخرى .. أشعلْها من جمرِ عيوني .. ورمادُكَ ضعهُ على كفِّي نيرانُكَ ليستْ تؤذيني فأنا كامرأةٍ .. يُرضيني أنْ ألقي نفسي في مقعدْ ساعاتٍ .. في هذا المعبدْ أتأملُ في الوجه المُجهدْ وأَعُدُّ .. أعُدُّ .. عروقَ اليدْ فعروقُ يديكَ .. تُسليني وخيوطُ الشيبِ .. هُنا ..وهُنا تُنهي أعصابي .. تُنهيني دخنْ .. لا أروع من رجُلٍ يفنى في الرُكنِ .. ويفنيني أحرقني .. أحرِقْ بي بيتي وتصرفْ فيهِ كمجنونِ .. فأنا كامرأةٍ .. يكفيني أنْ أشعرَ أنكَ تحميني أن أشعرَ أنَّ هناكَ يداً تتسللُ من خلف المقعدْ .. كي تمسح رأسي .. وجبيني تتسللُ من خلف المقعدْ لتداعب أُذْني بسكونِ ولتتركَ في شعري الأسودْ عِقداً من زَهَرِ الليمونِ دخنْ .. لا أروع من رجُلٍ يفنى في الرُكْنِ .. ويفنيني
نزار قباني
* * *
25ـ شؤونٌ صغيره
شؤونٌ صغيرةْ تمرُّ بها أنتَ .. دونَ التفاتِ تُساوي لديَّ حياتي جميع حياتي .. حوادث .. قد لا تثيرُ اهتمامكَ أُعَمِّرُ منها قصورْ وأحيا عليها شُهورْ وأغزِلُ منها حكايا كثيرَةْ وألفَ سماءٍ .. وألفَ جزيرةْ .. شؤونٌ .. شؤونكَ تلكَ الصغيرةْ فحين تُدخنُ أجثو أمامكْ كقطتكَ الطيبةْ وكُلي أمانْ أُلاحقُ مزهوَّةً مُعجَبَةْ خيوطَ الدخانْ توزعُها في زوايا المكانْ دوائر .. دوائرْ وترحلُ في آخر الليلِ عنّي كنجمٍ ، كطيبٍ مهاجرْ وتترُكُني يا صديقَ حياتي لرائحة التبغ والذكرياتِ وأبقى أنا .. في صقيع انفرادي وزادي أنا .. كُلُّ زادي حطامُ السجائرْ وصحنٌ .. يضمُّ رماداً يضمُّ رمادي .. وحين أكونُ مريضةْ وتحملُ أزهاركَ الغاليةْ صديقي .. إليْ وتجعلُ بين يديكَ يديّْ يعودُ ليّ اللونُ والعافيةْ وتلتصقُ الشمسُ في وجنتيْ وأبكي .. وأبكي .. بغير إرادةْ وأنتَ تردُ غطائي عليّْ وتجعلُ رأسي فوق الوسادةْ .. تمنيتُ كُلَّ التمني صديقي .. لو أني أظلُ .. أظلُ عليلةْ لتسألَ عنّي لتحملَ لي كلَّ يومٍ وروداً جميلةْ .. وإن رنَّ في بيتنا الهاتفُ إليهِ أطيرْ أنا .. يا صديقي الأثيرْ بفرحةِ طفلٍ صغير بشوق سنُونُوةٍ شاردةْ وأحتضنُ الآلةَ الجامدةْ وأعصرُ أسلاكها الباردةْ وأنتظرُ الصوتَ .. صوتكَ يهمي عليّْ دفيئاً .. مليئاً .. قويّْ كصوت ارتطام النجومِ كصوتِ سقوط الحُليّْ وأبكي .. وأبكي .. لأنكَ فكرتَ فيّْ لأنكَ من شُرُفات الغيوبِ هتفتَ إليّْ .. ويومَ أجيءُ إليكْ لكي أستعير كتابْ لأزعم أني أتيتُ لكي أستعير كتابْ تمدُّ أصابعكَ المتعبةْ إلى المكتبةْ .. وأبقى أنا .. في ضباب الضبابْ كأني سؤالٌ بغير جوابْ أُحدقُ فيكَ وفي المكتبةْ .. كما تفعلُ القطةُ الطيبةْ تُراك اكتشفت ؟ تُراك عرفت ؟ بأنيَ جئتُ لغير الكتابْ وأني لستُ سوى كاذبةْ .. وأمضي سريعاً إلى مخدعي أضمُ الكتاب إلى أضلعي كأني حملتُ الوجود معي وأُشعلُ ضوئي .. وأُسدلُ حولي الستُورْ أنبشُ بين السطورِ .. وخلف السُطورْ وأعدو وراءَ الفواصل .. أعدو وراءَ نقاطٍ تدورْ ورأسي يدورْ كأني عصفورةٌ جائعةْ تفتشُ عن فضلاتِ البذورْ لعلك .. يا .. يا صديقي الأثيرْ تركت بإحدى الزوايا .. عبارةَ حُبٍّ قصيرةْ جُنينةَ شوقٍ صغيرةْ لعلكَ بين الصحائفِ خبأتَ شيَّا سلاماً صغيراً .. يعيدُ السلامَ إليَّا .. وحين نكونُ معاً في الطريقْ وتأخذُ -من غير قصدٍ- ذراعي أُحسُّ أنا يا صديقْ .. بشيءٍ عميقْ بشيءٍ يُشابهُ طعم الحريقْ على مرفقي .. وأرفعُ كفيَّ نحو السماءْ لتجعلَ دربي بغير انتهاءْ وأبكي .. أبكي بغير انقطاعِ لكيْ يستمر ضياعي وحين أعودُ مساءً إلى غُرفتي وأنزعُ عن كتفي الرداءْ أُحسُّ -وما أنتَ في غرفتي بأنَّ يديكْ تلفَّانِ في رحمةٍ مرفقي وأبقى لأعبدَ يا مُرهقي مكانَ أصابعكَ الدافئاتِ على كُمِّ فستاني الأزرقِ .. وأبكي .. أبكي .. بغير انقطاعِ كأنَّ ذراعي ليستْ ذراعي
نزار قباني / غنتها ماجدة الرومي
* * *
26ـ القصيدة البحرية
في مرفأ عينيك الأزرق
أمطار من ضوء مسموع
وشموس دائخة وقلوع
ترسم رحلتها للمطلق
في مرفأ عينيك الأزرق
شباك بحري مفتوح
وطيور في الأبعاد تلوح
تبحث عن جزر لم تخلق
في مرفأ عينيك الأزرق
يتساقط ثلج في تموز
ومراكب حبلى بالفيروز
أغرقت الدنيا ولم تغرق
في مرفأ عينيك الأزرق
أركض كالطفل على الصخر
أستنشق رائحة البحر
وأعود كعصفور مرهق
في مرفأ عينيك الأزرق
أحلم بالبحر وبالإبحار
وأصيد ملايين الأقمار
وعقود اللؤلؤ والزنبق
في مرفأ عينيك الأزرق
تتكلم في الليل الأحجار
في دفتر عينيك المغلق
من خبأ آلاف الأشعار ؟
لو أني لو أني بحار
لو أحد يمنحني زورق
أرسيت قلوعي كل مساء
في مرفأ عينيك الأزرق
نزار قباني
* * *
27ـ اغضب
اغضبْ كما تشاءُ..
واجرحْ أحاسيسي كما تشاءُ
حطّم أواني الزّهرِ والمرايا
هدّدْ بحبِّ امرأةٍ سوايا..
فكلُّ ما تفعلهُ سواءُ..
كلُّ ما تقولهُ سواءُ..
فأنتَ كالأطفالِ يا حبيبي
نحبّهمْ.. مهما لنا أساؤوا..
. .
اغضبْ!
فأنتَ رائعٌ حقاً متى تثورُ
اغضب!
فلولا الموجُ ما تكوَّنت بحورُ..
كنْ عاصفاً.. كُنْ ممطراً..
فإنَّ قلبي دائماً غفورُ
اغضب!
فلنْ أجيبَ بالتحدّي
فأنتَ طفلٌ عابثٌ..
يملؤهُ الغرورُ..
وكيفَ من صغارها..
تنتقمُ الطيورُ؟ . . اذهبْ..
إذا يوماً مللتَ منّي..
واتهمِ الأقدارَ واتّهمني..
أما أنا فإني..
سأكتفي بدمعي وحزني..
فالصمتُ كبرياءُ
والحزنُ كبرياءُ
اذهبْ..
إذا أتعبكَ البقاءُ..
فالأرضُ فيها العطرُ والنساءُ..
وعندما تحتاجُ كالطفلِ إلى حناني..
فعُدْ إلى قلبي متى تشاءُ..
فأنتَ في حياتيَ الهواءُ..
وأنتَ.. عندي الأرضُ والسماءُ.. . . اغضبْ كما تشاءُ
واذهبْ كما تشاءُ
واذهبْ.. متى تشاءُ
لا بدَّ أن تعودَ ذاتَ يومٍ
وقد عرفتَ ما هوَ الوفاءُ
نزار قباني / غنتها أصالة نصري
* * *
28ـ اختاري
إني خيرتك فاختاري ما بين الموت على صدري أو فوق دفاتر أشعاري اختاري الحب أواللا حب فجبن ألا تختاري لا توجد منطقة وسطى.. ما بين الجنة والنار ارمي أوراقك كاملة وسأرضى عن أي قرار قولي..انفعلي..انفجري لا تقفي مثل المسمار لا يمكن أن أبقى أبدا.. كالقشة تحت الأمطار مرهقة ها أنتِ وخائفة وطويل جدا مشـواري.. غوصي في البحر أو ابتعدي لا بحر من غير دوار الحب مواجهة كبرى إبحار ضد التيار صيب .. وعذاب .. ودموع ورحيل بين الأقمار يقتلني جبنكِ يا امرأة تتسلى من خلف ستار إني لا أؤمن في حب لا يحمل نزف الثوار لا يضرب مثل الإعصار لا يكسر كل الأسوار آه .. لو حبكِ يبلعني مثل الإعصار إني خيرتك فاختاري
نزار قباني
* * *
29ـ عيناك ..
عيناكِ كنهري أحـزانِ نهري موسيقى.. حملاني لوراءِ، وراءِ الأزمـانِ نهرَي موسيقى قد ضاعا سيّدتي.. ثمَّ أضاعـاني الدمعُ الأسودُ فوقهما يتساقطُ أنغامَ بيـانِ عيناكِ وتبغي وكحولي والقدحُ العاشرُ أعماني وأنا في المقعدِ محتـرقٌ نيراني تأكـلُ نيـراني أأقول أحبّكِ يا قمري؟ آهٍ لـو كانَ بإمكـاني فأنا لا أملكُ في الدنيـا إلا عينيـكِ وأحـزاني . . سفني في المرفأ باكيـةٌ تتمزّقُ فوقَ الخلجـانِ ومصيري الأصفرُ حطّمني حطّـمَ في صدري إيماني أأسافرُ دونكِ ليلكـتي؟ يا ظـلَّ الله بأجفـاني يا صيفي الأخضرَ ياشمسي يا أجمـلَ.. أجمـلَ ألواني هل أرحلُ عنكِ وقصّتنا أحلى من عودةِ نيسانِ؟ أحلى من زهرةِ غاردينيا في عُتمةِ شعـرٍ إسبـاني يا حبّي الأوحدَ.. لا تبكي فدموعُكِ تحفرُ وجـداني إني لا أملكُ في الدنيـا إلا عينيـكِ ..و أحزاني . . أأقـولُ أحبكِ يا قمـري؟ آهٍ لـو كـان بإمكـاني فأنـا إنسـانٌ مفقـودٌ لا أعرفُ في الأرضِ مكاني ضيّعـني دربي.. ضيّعَـني إسمي.. ضيَّعَـني عنـواني تاريخـي! ما ليَ تاريـخٌ إنـي نسيـانُ النسيـانِ إنـي مرسـاةٌ لا ترسـو جـرحٌ بملامـحِ إنسـانِ ماذا أعطيـكِ؟ أجيبيـني قلقـي؟ إلحادي؟ غثيـاني ماذا أعطيـكِ سـوى قدرٍ يرقـصُ في كفِّ الشيطانِ أنا ألـفُ أحبّكِ.. فابتعدي عنّي.. عن نـاري ودُخاني فأنا لا أمـلكُ في الدنيـا إلا عينيـكِ... وأحـزاني
نزار | |
|